الدكتورة غزوة فيصل كاظم
الجامعة المستنصرية
مقدمة:
التكيف النفسي
ويُقصَد بها تكيف الفرد من خلال تغيير السلوك من أجل العمل على إحداث توازُن في علاقته مع البيئة، والاستفادة من هذا النوع من التكيف من أجل التطور والبقاء، فالكائن الحيّ الذي يستطيع التكيف مع البيئة هو الذي يستطيع ضمان الاستمرار في البقاء، وتتداخل مجالات التكيف النفسي بحيث تُقسم إلى فئات كما يأتي
التكيف البيولوجي: وهو تكيف الأعضاء الفيزيولوجية مع طُرق القيام بأدوارها الوظيفية. التكيف الإيكولوجي: وهو تكيف الكائن الحي مع الظروف المُختلفة للبيئة.
التكيف الثقافي الاجتماعي: ويرتبط بطبيعة علاقات الأفراد والجماعات والقدرة على التنظيم الاجتماعي والثقافي. التكيف النفسي المعرفي: يهدف إلى تحقيق التكامل بين البيئة والوظيفة، من خلال الإدراك والتفكير ومن ثُم القيام بالعمل.
التكيف النفسي الانفعالي: ويتضمن جميع الأنشطة المُتعلقة بُغدد الإنسان الداخلية والتي تشمل العواطف والانفعالات
سوء التكيف:
ليست كل المحاولات التي يقوم بها الفرد في سبيل التكيف ناجحة دوماً، وتختلف درجة النجاح من موقف لآخر بحسب ظروف المواقف، وتوافر الوسائل الملائمة، فإن كانت الاستجابات التي يقوم بها الفرد موصلة للهدف من دون أن يترتب عليها خسارة له أو للمجتمع، يوصف التكيف بأنه ناجح. أما التكيف غير الناجح فهو التكيف الذي لا يوصل إلى الهدف، فالفرد الذي يعيش في بيئة باردة وينتقل إلى منطقة حارة يتخذ عدداً من التدابير لحماية عضويته من التغير في البيئة الطبيعية، فإذا نجحت تلك التدابير يوصف بأنه تكيف ناجح، وإن أخفقت يوصف بأن تكيفه غير ناجح أو مخفق.
العوامل الأساسية لعملية التكيف.
1-العوامل الجسدية: قد يحدث سوء التكيف بسبب الشروط الفيزيولوجية في بناء الجسم، وإن عدم إشباع الحاجات العضوية الأساسية يجعل صاحبها عرضة للاضطراب والتوتر وعدم التوازن
2-العوامل النفسية: يتأثر التكيف بخبرات الطفولة والحاجات الأساسية المشتقة والقدرات العقلية وموقف الإنسان من نفسه:
آ ـ خبرات الطفولة: تتكون قدرات الفرد وخصائص شخصيته وأنماط سلوكه في مرحلة الطفولة المبكرة، أي في السنوات الخمس الأولى من العمر التي تنتقل آثارها إلى المراحل التالية من عمر الإنسان، وتكوّن الهيكل الأساسي لبنية شخصيته، وفيها تتكون العقد النفسية والعصابات والمخاوف المرضية وما يترتب عليها من جنوح الأحداث والتخلف المدرسي، في المراحل اللاحقة من العمر.
ب ـ الحاجات المشتقة: ويُقصد بها الحاجات التي تنشأ بنتيجة التعلم، وتكون في خدمة الحاجات بحسب أهميتها مبتدئا بالحاجات الأساسية: كالحاجة إلى الطعام والشراب (الفيزيولوجية) الحاجة إلى الأمن والحاجة إلى الحب والانتماء والتفاعل والحاجة إلى المكانة والتقدير واحترام الذات والحاجة إلى تحقيق الذات والحاجات الجمالية
ج ـ القدرات العقلية الخاصة: قد يعاني الأفراد الذين تكون قدرتهم الذكائية منخفضة من سوء التكيف، فيصابون بالإحباط والخيبة، وقد يعاني المتفوقون من التلاميذ حالات الملل والضيق بسبب ارتفاع قدراتهم عن مستوى غالبية الزملاء، لذلك دعت التربية الحديثة إلى التعلم الفردي أو الذاتي داخل المدرسة وخارجها حتى يتعلم كل تلميذ وفق سرعته الذاتية في التعلم، ووفق حاجاته ونجاحه في التعلم..
د ـ موقف الإنسان من نفسه: إن معرفة الإنسان لنفسه، وما يمتلك من إمكانات، ورضى الإنسان عن نفسه، يمكّنه من أن يرسم مستويات طموح واقعية خاصة به تتناسب وإمكاناته، إذ إن الكثير من متاعب الأفراد تنجم عن تطلعهم إلى أعمال تفوق إمكاناتهم، أي إن مستويات الطموح لديهم لا تمكنهم من الوصول إليها. لذلك يتغير مستوى طموح الفرد في حياته من خلال سلسلة النجاح والإخفاق التي يجدها في تعلمه وفي حياته اليومية.
3- العوامل الاجتماعية: إن انتماء الفرد إلى فئة اجتماعية أو جماعة يدفعه إلى الأخذ بالمظاهر السلوكية الغالبة في تلك الفئة أو الجماعة والتقيد بقيمها، وقد يكون ذلك عاملاً من عوامل سوء التكيف وتسهم الأوقات التاريخية العصيبة التي تمر بها الجماعة، والتي يرافقها اضطراب وفوضى وقلق وانعدام للأمن في شذوذ الأفراد والتعرض لحالات الجنوح والعدوان، وقد ارتفعت هذه الحالات في أعقاب الحروب العالمية والإقليمية والأهلية.
سوء التكيف لدى الفرد العراقي في ظل الأزمة الصحية الحالية
على الرغم من الإجراءات الصحية والوقائية وحملات التوعية التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية والتي تدعونا الى استخدام أساليب جديدة في حياتنا اليومية واعتمد أسلوب حياة مختلف لكي تكون لنا القدرة في التكيف مع الأزمة الحالية والخروج منها بسلامة وبخسائر اقل. ألا أننا لاحظنا سلوك غير تكييفي للكثير من الأفراد ولاسباب كثيرة منها تتعلق بالعوامل الأساسية لعلمية التكيف والتي تم ذكرها سابقا.فإجراءات الحجر الصحي تتطلب بقاء الإفراد في منزلهم لمدة من الزمن وصلت لثلاثة أشهر للان وإغلاق اغلب المحلات التجارية وإعلان حظر تجوال في الشوارع العامة وغلق مصادر الدخل للكثير من الإفراد وتعطيل الدوام في الكثير من المؤسسات دون وضع خطة مناسبة في توفير احتياجات بعض الأسر البسيطة من أصحاب الدخل المحدود واليومي فنحن نطلب من الفرد التكيف دون إشباع لحاجاته الأساسية من المواد الغذائية الأساسية له ولأطفاله رغم القيام بالكثير من حملات التكافل الاجتماعي التي قامت بها بعض المؤسسات الغير حكومية من منظمات وأفراد والتي ساهمت لحد ما في معالجة الأزمة. ألا انه يبقى لدى الفرد شعور بالتهديد وعدم الأمن وقلق من المستقبل القريب وبالأخص لدى الإفراد في المناطق الشعبية والمكتظة بالسكن. فمساحات المنازل الضيقة والغير مهيأة لما تروج له وسائل الإعلام في البقاء في المنازل والالتزام بما يسمى عملية التباعد الاجتماعي وممارسة الرياضة والقراءة والقيام بعض الهويات.حقيقة يجب ان يعترف بها اغلبنا الكثير من شبابنا وأسرهم يمتلكون نظرة تشاؤمية نحو المستقبل وهم لا يشعرون بالدعم والتقدير لذواتهم والشعور بالأمان وكل هذه هي من العوامل المهمة في عملية التكيف والتكيف النفسي فعلى الرغم من أهمية هذه العملية الرائعة التي زودنا بها الخالق والتي يمتلكها الكائن الحي وليس الإنسان فقط. الأ أننا قد نصل مرحلة من سوء التكيف ونكون غير قادرين على اجتياز الأزمات الصحية والاجتماعية التي نمر بها