الدكتورة غزوة فيصل كاظم
الجامعة المستنصرية
مقدمة:
اللامبالاة في علم النفس هي حالة وجدانية سلوكية، معناها أن يتصرف المرء بلا اهتمام في شؤون حياته أوحتى الأحداث العامة كالسياسة وإن كان هذا في غير صالحه . مع عدم توفر الإرادة على الفعل وعدم القدرة على الاهتمام بشأن النتائج”
أو هي قمع الأحاسيس مثل الاهتمام والإثارة والتحفز أو الهوى، فاللامبالي هو فرد لا يهتم بالنواحي العاطفية أو الاجتماعية أو الاقتصادية وكذلك قد يبدي الكسل وعدم الحساسية. وقد يكون هذا التصرف جراء عدم قدرة المرء على حل المشكلات التي تواجهه أو ضعفه أمام التحديات. إضافة إلى استخفافه بمشاعر الآخرين أو باهتماماتهم الثانوية كالطموح والآمال والهوايات الفردية أو المشاعر العاطفية المختلفة كالحب والكراهية والخصام والحسد وغيرها إذ أن اللامبالي لا يجد أي فرق بين كل تلك المشاعر وان لم يبد هذا الأمر صراحة أمام الآخرين
أول من انشأ مصطلح السلبية أو اللامبالاة هم الرواقيون: انطفاء المشاعر بسبب سيادة العقل. وفي المسيحية دخلت اللامبالاة الفكر الديني على يد كلمنس الكسندروس الذي اعتمد المصطلح للتعبير عن الازدراء من جميع الشواغل الدنيوية، حالة من إماتة الجسد، كما يصف الإنجيل. الفيلسوف روبرت مينارد هاتشينز اوضح أن موت الديموقراطية هو بسبب اللامبالاة السياسية. الدكتور النفسي روبرت مارين يقول إن اللامبالاة ممكن اعتبارها عرض أو متلازمة أو مرض.
مفهوم اللامبالاة:
هي حالة من عدم وجود الدافع أو الفائدة لمختلف جوانب الحياة،وعادة ماترتبط مع حالة من عدم الراحة أو اليأس. هناك مبالاة معرفية وعاطفية لمعظم المحفزات،والرغبة في التصرف واضحة بسبب غيابهم.
من ناحية أخرى، فأن الخصائص الرئيسية لهذا العرض هي التسطيح العاطفي أو التخبط، قلة المثابرة والحد من الأفكار والسلوكيات المولدة ذاتيا.
أسباب اللامبالاة:
تتعدد الأسباب من عضوي إلى نفسي إلى اجتماعي أضف إلى ذلك مشاهد القتل والدمار والحروب، كل تلك الأمور تجعل الشخص غير مكترث بما ستؤول إليه الأمور كونه قد رأى من الإحداث ومن الصور ما يصعب على الذاكرة نسيانه.
العامل العضوي:
ترتبط اللامبالاة مع العديد من الظروف الصحية، ومنها:الإفراط في تناول فيتامين (د)، التعب العام، واللامبالاة قد يأتي كنتيجة جانبية من بعض الأدوية واستعمال الكحول والمخدرات الثقيلة مثل الهيروين والكوكايين والبرشام . أو من مرض الزهايمر، مرض شاغاس، – مرض جاكوب، والعته، جنون كورساكوف، أو تحدث كعرض لمرض هنتنغتون، أو انفصام الشخصية، وغيرها.وكذلك هناك علاقة طردية بين الاكتئاب واللامبالاة.
العامل النفسي:
وتعتبر اللامبالاة جزء من الميكانيزمات الدفاعية التي تدافع بها الأنا عن ذاتها حيث تقترن مع الهروب من الواقع هي والنصوص وأحلام اليقظة والتبلد إذا كان الواقع مليء بالمشاكل التي تكون فوق القدرة. فعندما يتعرض الفرد للحرمان مثل البطالة أو الفقر تظهر لديه ميول عدوانية على المجتمع تتمثل أحيانا في اللامبالاة.وعادة يكون تقدير الذات منخفضا فيشعر ان لا قيمة له في المشاركة. وتارة تكون الأحداث متعبة أو مجهدة فيستبعد مشاركته. وتلعب نظرية مرحلة الطفولة المبكرة عند اريك اريكسون: من 18 شهرا إلى 3 سنوات صراع بين التحكم الذاتي في مقابل الخجل وتنتج ضبط النفس، الشجاعة، الإرادة دورا في اللامبالاة.
العامل الاجتماعي:
في كثير من الأحيان، اللامبالاة تحدث بعد أن يشهد الفرد ضغوط أو صدمات نفسية مروعة، مثل قتل أو تشويه الناس أثناء الحرب. مفهوم اللامبالاة أصبحت أكثر شهرة بعد الحرب العالمية الأولى بسبب ما تسمى “صدمة القذيفة”، حيث الجنود الذين كانوا يعيشون في الخنادق وسط القصف ونيران الرشاشات، والذين شهدوا ميادين معارك مع رفاقهم القتلى والمشوهين وضعت فيهم شعور اللامبالاة وفقدان الحس بالتفاعل الاجتماعي.كذلك يلعب الاغتراب وهو شعور الفرد بعدم انتماءه للجماعة دورا مهما
أسباب اللامبالاة لدى الفرد العراقي:
في ظل ازمة الوباء العالمي وازدياد اعداد المصابين في العالم وفي العراق بشكل خاص لاحظنا وجود خروقات كبيرة يقوم بها الافراد رغم اجراءات الوقاية والحظر التي قامت بها خلية الأزمة للسيطرة على انتشار المرض والتقليل من حالات الاصابة وتقارير المنظمات الصحية والعالمية وتناقل الاخبار عبر القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعية لارقام ونسبة الاصابة عالميا وعربيا ومحليا الا أن الفرد العراقي كان ومازال لامباليا للاصابة بالمرض او حتى التصديق في وجوده فقد كنا نسمع من الاخرين ونحن نقدم لهم النصح والارشاد الصحي عبارة (هل شاهدت شخص مصاب بالفايروس) وعند البحث عن أسباب ذلك كما ذكرناه بشكل عام فأن أسباب المبالاة العضوية والنفسية والاجتماعية وحتى السياسية تكاد تكون مجتمعة عند اغلب افراد المجتمع العراقي ولها جذورها العميقة.
وتتصدر الاسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية قائمة أسباب اللامبالاة لدى الفرد العراقي وعند مراجعة الاحداث للاشهر الستة الماضية فقد مر البلد بالكثير من التقلبات السياسية وحالة رفض كبيرة للحكومة الحاكمة وخروج العديد من الإفراد في تظاهرات كبيرة ضد سياسية الحكم بدأت بإضراب الشباب الخريجين العاطلين عن العمل الفاقدين للأمل في المستقبل وبعدها انضمام العديد من الإفراد لهم في التظاهرات ضد نقص الخدمات في الكثير من المجالات ومنها المجال الصحي. وعند مراجعة الإحداث للسنوات السابقة فقد شهد البلد الكثير من الأزمات أدخلته في حروب ضد جماعة مسلحة إرهابية (محاربة داعش) وسيطرته على بعض المدن العراقية وحالات النزوح التى تعرض لها الافراد والذي مازال قسم منهم يسكن المخيمات، بالاضافة للهجمات المسلحة على حدود البلاد وايضا داخل المدن من سيارات مفخخة وعبوات نافسة والعنف الطائفي والسياسي والاجتماعي من خلال سيطرة القبلية والعشيرة كل هذا ولد العنف ضد الجماعات الاضعف النساء والاطفال وانتشار عدد الاطفال المشردين والمتسولين بل انتشار أسر مشردة، ايضا ازدياد حالات الفقر والبطالة وازدياد اعداد الاطفال المتسربين من المدراس فخلال الستة عشر سنة الماضية نشى الان جيل من الشباب غير الواعي نتيجة فقدان المعرفة والتدريب والتأهيل الذي تقدمه مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأسرة،المدرسة،وسائل الإعلام فهذه المؤسسات انطفىء تأثيرها وضعف نتيجة الاسباب العامة التي ذكرناها سابقا.
صورة فقدان الأمل واليأس تجدها في مفردات اغلب شبابنا حتى الشباب الأكاديمي فنلاحظ بعض المفردات المستعلمة من قبلهم عند نصحهم بموضوع ما(هي خربانة)
مشاهد العنف الحقيقية التي شهدناها كأفراد في شوراع المدن جعلتنا لانشعر بالقلق الكافي لموجهة الفايروس فقدان الكثير من الأسر لابناءها جعل صورة اليأس تتجلى لديهم ونلاحظ من خلال الحديث معهم خلال تقديم النصح والأرشاد الصحي (شنو ممكن يصير اكثر من الي صار) وهذا دليل على عمق الألم الذي مروا به. بالاضافة الى وجود موضوع مهم جدا من خلال وجهة نظري كباحثة فقدان الثقة في الجهات الحكومية المقدمات للخدمات ان كانت صحية او غيرها وعدم التعاون معها، وغياب القانون الذي يطبق الاجراءات الصارمة من عقوبات وغيرها. مدى وعي الافراد العاملين وطرق تعاملهم مع الازمات فهم انفسهم ايضا افراد لامبالاين للاسباب السابقة التي ذكرناها.
كل هذا في النهاية سينتج حالة من اللامبالاة وعدم الاكتراث لنتائج عدم التقيد بأجراءات السلامة والذي ولد ازدياد حالات الاصابة في بلدنا الحبيب